Friday, September 17, 2010

رسائل نصية قصيرة



تعجبني ضحتك الصافية.. أراها دائما صورة مستنسخة من ضحكتي.. أو لعلها ضحكتي تكرار ضحكتك.. ضحكتي؟.. ضحكتك؟.. من منهما ولد أولا؟؟.. لا أعرف على وجه التحقيق فقد اختلطت سعادتي بسعادتك كثيرا.. فلنضحك كثيرا إذا بلا سبب.. فكم أنهكنا الحزن عندما كانت لدينا الأسباب الوجيهة للبكاء

أتذكر حتى أتفه التفاصيل التي أحاطت بلقائنا الأول.. ألوان المقاعد.. نوع القهوة..نوع الزهور على الطاولة وعددها.. الموسيقى في الخلفية.. لا أفهم عندما تتوقعين أن أنسى كيف نظرتك حينها ساقتني اليوم إلى فقدان الذاكرة

ذات يوم كنت أتصور أن الكون مستدير.. تماما ككتلة العجين المختمر قبل تبطيطها.. وكنت أخجل كثيرا من عرض هذا التصور على أي من أصدقائي.. ثم التقيتك.. وتوطدت صداقتنا.. وعندها صارحتك باسراري الفلكية بعد أن طورتها بناء على معارفي الجديدة.. الكون مستدير تماما ككتلة العجين المختمر قبل تبطيطها.. وعليه من أعلى حافة صفراء

لا أعرف ما الذي دعاني ليلة أمس لأن أستضيفك في الحلم رغم أنني أغمض عيني أحيانا أثناء النهار محاولا تعطيلك للحظات عن شغل كل مساحات الوعي إلا أن تكوني بأكملك حلما دائما في دماغي الحالم دائما

دعيني أكاشفك بسر صغير.. هذه النجمة اللامعة التي ترينها فوق رأسك دائما عندما تطالعين المرآة.. أنا اصطدتها من السماء وأسكنتها هذا البرج.. والأدهى أنني سميته برج العذراء



Saturday, April 03, 2010

بتفصيل ممل

.


كان قد نصحني ذات مرة ألا يخلو شهر لي من قيأة.. وقال إن ذلك أمرا من شأنه أن يحسن الصحة كثيرا.. وهأنا أكتب حفاظا على صحتي

رغم أنني من المفترض أن أكتب شيئا آخر غير ما أكتب الآن.. إلا أن امتلاك مادة الكتابة لا يعني بالضرورة امتلاك الحرية في منع ما ينساب من قناة الفيض.. أنا ملهم بالقيء الآن.. هل مضطر أنا أن أبرر الكتابة كلما شرعت بها كما المراهق يبرر لنفسه في كل مرة ممارسة العادة السرية؟؟.. أنا أكتب لأنني بلا بديل غير الكتابة.. هكذا.. فلأسترح إذا من هذا الإحساس المزمن بالذنب كلما دسست إصبعي في حلقي وتقيأت

لم أنم جيدا ليلة أمس.. ولو كانت أمانة الحكي متاحة لقلت إنني لم أنم بالمرة ليلة أمس.. لكن الواقع أنني لم أنم جيدا ليلة أمس.. قضيت وقتا طويلا أنجز بعضا من أشواط التراجع التكتيكي.. قرأت صحف أول أمس.. قررت أن أصبح نباتيا.. لم يصمد قراري طويلا فتراجعت فيه قبل أن أجربه.. مزقت أوراقا قديمة وشاهدت فيلما سخيفا وبرنامجا كوميديا أقل سخافة ثم قررت النوم.. قرار النوم لا يتخذ دائما من جانب واحد.. النوم كائن يتمتع باستقلالية مفرطة.. أدون في مفكرتي الصغير.. "تذكر أن تصدر أمرا بتحييد النوم".. أعود إلى نفس الفيلم السخيف بعد ان اكتشفت أنه يعاد على قناة أخرى.. أعيد اكتشاف الملل.. وأستعيد طعما لليال كنت قد نسيت طعمها.. لا بأس ببعض الأرق.. أعود إلى مفكرتي وأشطب العبارة.. فليبق النوم كما هو.. ساقاي تصرخان بألم غير معهود.. أشير بسبابتي التي تقاطعت رأسيا على شفتي..هشششششششش.. إشعار بالصمت لأي عضو يصرخ في جسدي.. أعود إلى مفكرتي.. "قررت إلغاء الألم".. هل للوقت كثافة؟؟.. "قررت إلغاء كثافة الوقت- إن كان لها وجود أصلا"... أقرر النوم مرة ثانية.. هذه المرة أواصل الأرق بقناعة أعمق.. فأنا من قرر أن يبقى النوم على طبيعته غير المحايدة



.

Saturday, March 13, 2010

يوميات صرصار سعيد

أحاول أن أتجاوز حزنا لم يكن وتجنبت النظر إلى القمر هذه الليلة في طريق العودة.. وعندما عدت إلى جحري الضيق تفاديت النظر من الزاوية المواجهة للنافذة وأصبحت في أمان قياسي مقارنة بليلة الأمس.. ونجحت مناورتان ذكيتان في تفادي انقلابي عن الوتر الذي أمشي فوقه منذ شهور وأشعر الآن أنني قد أستمتع إلى الأبد بذلك الفعل القاطع المستديم في باطن أقدامي الستة.. وصبرت على أعمال ثلاثة من أبناء القحاب وأفكارهم تجاهي التي أقرأها بسهولة واحتسبت حسنات الصبر ورأيتها بعيني رأسي وهي تسير بيضاوية زرقاء كحبات الفياجرا لتمطر فوق ميزان حسناتي.. وتحملت نظرة باردة وفضلت أن أكون أنا الدفء المقابل.. ولم أنس أن أبصق للمرة السبعين بين صفحات كتاب يحمل عنوان التعادلية كتبه توفيق الحكيم وانتهى في المكتبة الكئيبة بالصالة البحرية.. والتصق أغلب صفحاته ببعضه من تجارب برود-دفء سابقة.. اتفووووه.. وتذكرت قصة حب قديمة وأنا أسير برفق فوق رافعة السيفون وأرى قصص الأمس تدور مع دوامات الماء وتنطلق بسعادة لأول مرة إلى بالوعة نسيان كامنة... دعوني أبدي إعجابي العميق بنفسي هذه الليلة.. فنادرا ما أصل إلى هذه الدرجة من الصفاء.. وعندها أشعر أن الكون قد اتسع عن براح أعيش فيه حرا طليقا وأن النور ينضح من وجهي لدرجة لم يسبق أن داعبت طموح البدر.. وأشعر أن الكراهية والحقد في قلبي قد أصبحتا محددتين في عدد لا يذكر من الأشخاص... وأن الحب يعوض ما فات من الكراهية.. فأحب حتى ذرات الغبار التافهة التي تحيط ببراحي الملائكي المحيط.. أشعر أنني أجمل صرصار في العالم عندما لا يراني أحد.. أشعر أنني أكثر وضوحا عندما ألوي عنقي إلى الوراء فلا أرى غير ظلي.. أشعر أنني أكثر خفة عندما أتسامح مع مخلوقات لم يحرم خالقها التفكير في إبادتها بالأسلحة الكيماوية كأضعف الإيمان.. أشعر أنني مقدم على حلقة عجيبة من حلقات التسامح.. ولن أتعجب إذا أنجبت الأيام القادمة شبشبا جديدا يصب في رأسي المستطيل صفحة جديدة من صفحات الحكمة.. والخفة.. والحب.. والتسامح



.

Thursday, March 04, 2010

عدة أسباب واهية

أكتب في هذه المدونة لأن بداخلي قرين خبيث لنفسي الأشد خبثا.. وهذا القرين يهوى كتابة الأدب وههنا يشبع هذه الهواية

أكتب في هذه المدونة لأن اللسان له وجه أخرس ويؤوي بعض الكلمات الخرساء ويسكنه كتمان وصمت أكثر مما يسكنه من الكلام.. وهنا أرى الكلام مرسوما صامتا ساكتا أخرس

أكتب في هذه المدونة لأنني أحب أن أعود أحيانا إلى ما كتبت لأعيد قراءة نفسي في حقبة فائتة.. ولا أضحك إذ أقرأ الوثائق الشاهدة على سخافتي حينا وضحالتي حينا وسذاجتي أحيانا

أكتب في هذه المدونة لأنني أعرف أن من أكتب إليها لا تعرف الكتابة ولا القراءة.. لكنني متأكد أنها ستأتي هنا لتقرأ ما كتب لعينيها بمجرد أن أنتهي من محو أميتها

أكتب في هذه المدونة لأنني أحيانا أغفل قيمة الوقت الذي هو كسيف من ذهب.. فأنفقه في الكتابة وتقطعني الكتابة

أكتب في هذه المدونة لأنني مسكون بالوحدة والكتابة هنا تزيد إحساسي بالوحدة.. فأنا متطرف المشاعر ولا يكفيني ما بي من الوحدة إلى أن أدفعها إلى أضعاف الجرعة المقررة

أكتب في هذه المدونة لأنني وجدت نفسي أبعد من أن يعاقبني أحد فحكمت على نفسي بالأشغال الشاقة المؤبدة هنا

أكتب في هذه المدونة لأنني لا أعرف شيئا عن نفسي وأظن أحيانا أنني بلا طبيعة شخصية وربما بلا شخصية أصلا.. لكنني عندما أقرأ هذه المدونة أرى لنفسي أخيرا ظلا على الجدار

أكتب في هذه المدونة ليتعلم من يقرأها مفاهيم ديناصورية منقرضة لا توجد حتى في المتاحف المتخصصة.. مثلي

Wednesday, February 24, 2010

نصائح مبسطة

اضرب رأسك في الحائط ثم اعتذر له.. ليس من ضمن وظائف الحائط أن يعتذر للأغبياء

لا تجهد عقلك كثيرا في المحاولة فأقصى ما سيقودك إليه تفكيرك أن تستنتج أنك كنت غبيا

ضاعف مساحة غفرانك لغيرك.. ففي طيات المسامحة استغفار لخطيئتك الشخصية

بعض الناس يأكلون لحوم البشر وفي هذه الحالة قد يضيرك كثيرا أن تكون نباتيا

كن أكثر مرونة إذ تتعامل مع الظواهر الطبيعية.. الطبيعة لا تملك حس الهزل الذي تملكه أنت

لا تحزن إذا أصابتك مصيبة.. وفكر في شهور المصيبة إذا أصبتها أنت

لا تكن الجندي الذي ينسى كلمة السر في نوبة الحراسة.. لن يسعدك كثيرا أن تشتهر بلقب الجندي المجهول

ليس مكسبا كبيرا أن تكسب معركة كل أطرافها دائما خاسرون

إذا أحبتك فأحبها ولا تضيع وقتك فيما لا ينفعها

عد إلي في الغد فلن تنتهي نصائحي إليك

Thursday, February 11, 2010

كالح

أفتح عيني بصعوبة وأنا أعرف أنني لن أقدر على مغادرة الفراش الآن.. وربما بقيت في الفراش طوال اليوم.. أتأمل حقارة غرفتي بتدقيق شديد وأتعجب أكثر من تفاهة الحديث عن جمال الألم إذا ما صح الجمع بين الكلمتين في توصيف واحد

يقول بعض الناس إنهم يرون في الفقر والنكبة والألم والخراب جمالا خاصا.. ولا أظن أن بين هؤلاء الناس فقيرا أو منكوبا أو متأملا أو مصدوما

أي جمال في هذا الأثاث المحدود الذي يغلب عليه اللون الكالح؟.. خشب الفراش كالح والملاءة لم يعد لها لون محدد وقطعة السجاد البالية على الأرض أيضا لونها كالح

الأصح أن فقدان الألوان هو آخر العلامات البصرية الظاهرة للفقر.. والحق أنني أعتبر الألوان أول العلامات البصرية الظاهرة للجمال

أغمض عيني وأغرق في بحر من الألوان التي خلفتها أحلام الليلة الفائتة.. وألوك بين النوم والصحو مفردات نظريتي اللونية الجديدة




هنــــا القاهرة

وصلت إلى الحد الأقصى للقرفصاء.. ومع ذلك لا جدوى فما زالت سهام البرد القارس تخترق ملابسي من بلاط الرصيف الأسمنتي مباشرة إلى بطني التي لم تتخلص من حساسيتها للبرد حتى بعد كل هذه السنوات من الصياعة والتشرد


وبدأت أمعائي في التحرك إيذانا بنوبة مغص جديدة فيها تنطلق أنصال غير مرئية من أعلى إلى أسفل لتتجمع سنونها جميعا فيما فوق المثانة وتظل جادة في فعل القطع لثوان ثم تنفرج لتتركني في حالة من الإنهاك والإعياء في انتظار نوبة تالية بينما تتعالى أنفاسي التي أصبحت العلامة الوحيدة على حياة هذه الكومة من الأسمال التي تحتويني


لاشيء يصلح ما أفسده البرد غير الدفء.. أقوم حاملا جسدي الموشك على التجمد وكيس ملابسي المكون من عدة أكياس مختلفة الألوان ليس بها من الملابس غير زوج من الجوارب الصوف الميري قطفته من على حبل غسيل في الطابق الأرضي لمنزل بالقرب من هنا.. ولا يمكن أن أخاطر بارتدائه على قدمين حافيتين حتى لو قتلني البرد في هذا الليلة القاسية.. مستحيل أن أخسر ثروة كهذه في مغامرة أسفلتية غير محسوبة


أحتضن بطني بقوة وأسير منحنيا تحت وطأة نوبة المغص الموشكة وأسير لمسافة قصيرة في شارع متفرع عن شارع محمد فريد بوسط البلد.. ولا تحملني قدماي كثيرا حتى أصل إلى جوار هواية تبريد ما يبدو أنه جهاز تكييف مركزي لبناية بنك مصر العملاقة.. حرارة الآلة العملاقة تندفع بين ريشات الهواية مشكلة ملاذا دافئا بحدود وهمية.. وبدت فكرة الاستلقاء داخل هذا الملاذ حلا أرسلته لي السماء في نوبة كرم غير مقصودة


والأغلب أن السماء قصدت ذلك الكلب الذي تآكل نصف الشعر في ظهره نتيجة للجرب والذي اختار تلك البقعة بالتحديد لقضاء الليلة


لا أحب أن أزاحم كيس البراغيث والقراض ولا أحبه أن يزاحمني.. لكنها ضرورة تستحق الصراع.. ولم يكن ذلك الصراع الاضطراري عنيفا بقدر ما كان حاسما.. فقد تكفلت زلطة صغيرة بإرسال الكلب الأسود إلى آخر الرصيف وهو يضم قائمتيه الخلفيتين على ذيله الخائف ويصدر عواءا مهزوما رددت عليه "امش!!.. هش ابعد!!".. وخلت البقعة السحرية التي اكتشفت أنها مكررة على مسافات متساوية في الجدار.. وخفت إحساسي بالذنب تجاه الكلب عندما تصورت أنه سيكتفي باللجوء إلى ملاذ مشابه في الجانب الآخر للبناية


ألقيت بنفسي بالسرعة والكيفية اللتين حددتهما الجاذبية.. فلم يكن قد بقي مني في هذه الليلة شيء يستحق وضعه على الأرض بعناية


استدعي النوم الذي لا يمانع المجئ صاغرا وسط هذا التعب.. ويأتي معه رجل أمن قصير بدين يبدو أنه نبت من أحد الطوابق تحت الأرضية لبناية بنك مصر.. "انت يا..!! مافيش نوم هنا..امش!!.. هش ابعد!!"

Tuesday, January 19, 2010

اعتذار وشكر واجب

أعتذر أنني لم ولن أنشر تلك التدوينة التي كان يجب أن تشغل هذا الحيز من مدونتي
فلو نشرتها.. لو نشرتها لما قرأها أحد.. وما فهمها أحد ولبدوت وكأني أتفه حقا مما أنا عليه
ولبدوت وكأنني أتسول ما املك أو أغضب لما لم أملك أو أحزن على ما لن أملك يوما
اخترت الاستتار هذه المرة.. ولو أردتم كتابة فعودوا إلى أرشيف المدونة ففيها من الأسباب ما يكفيني ويكفيكم شر جديد ما أكتب








وشكرا

Friday, January 15, 2010

تلات سجاير


جلس على الكتلة الاسمنتية المربوطة إلى العامود بجنزير أحكم غلقه بقفل كبير وكأن البردورة المسروقة أصلا من الرصيف يمكن أن تكون ضحية لسرقة جديدة..ووضع يديه في جيوبه وقد ضم ساقيه النحيلتين داخل سراويله الواسعة القصيرة.. لقد تمكن من علاج هذا الاتساع الفج بربط عروتي الأمام بسلك كهرباء أزرق كان رباطا لبقجة الملابس التي وجد بها هذه الملابس التي لا بد وأنها مسروقة من رجل بدين زوج لاثنتين.. أما قصر السراويل فلا حل له سوى احتمال القشف في القدمين إلى ما قرب الركبة.. والحمد لله أن عثر على هذا الشبشب الجلدي أمام زاوية عبد الستار قبل أن يعثر عليه صاحبه فلولاه لواصل الأسفلت لعق قدميه ومطاردته إلى حافة الرصيف حيث يحلو للسكارى والقطط التقيؤ وللمتسكعين أمثاله قضاء حاجتهم.
أخرج يده من جيبه وفيها قطعة معدنية لامعة.. نظر إليها بتدقيق وتأمل الحروف الأجنبية المحفورة عليها بإعجاب.. ثم مد يده الأخرى ليفتح رأسها فيتكشف تكوينها الداخلي المعقد.. ينظر بانبهار إلى الفتيل الغاطس خلال أنبوب وزعت ثقوبه بشكل متقابل نحو كتلة قطنية بداخل القطعة بينما بدت القداحة الدائرية على جانب أنبوب الثقوب وكأنها دعوة للمحاولة.. نظر حوله في خشية أكثرها استثارة بالكنز الصغير ثم أدار القداحة التي احتكت بقوة بالحجر الصغير المثبت تحتها وانبعث اللهب الأزرق إلى الفتيل لتشتعل الولاعة.. مد يده الأخرى وقلب رأس القطعة المعدنية اللامعة على اللهب وأعادها إلى جيبه وهو يتلفت حوله... هذه المرة بخشية كاملة من أن يكون أحد رآهوثب من مكانه وأطلق للشبشب الجلدي حرية خرق صمت الحارة الجانبية باحتكاكه الجاد بالأرض.. إلى أن وصل إلى الناصية ومنها اتجه يمينا وهو يتوازن بمهارة فوق الرصيف المكسر حتى أصبح في مواجهة عوينات عم عليوة الزجاجية السميكة فمد يده إليه بخمسين قرشا ورقية كانت كل ما معه..هات تلات سجاير

بين صفعتين


التفت بقلق يشوبه قلق أعمق إلى يمينه.. وما زالت يداه تعملان بهمة في جمع أجزاء المفرمة الحديدية الصغيرة.. وجدها على حالها وقد جفت دموعها في زوايا عينيها وجف لعابها المختلط بالدم في خيوط قشرية متقطعة على وجهها وعنقها.. كان على وجهها شبح ابتسامة خائفة يدرك معناها جيدا وهي تلملم جيب قميصها البلدي الرخيص ليستر صدرها المسطح .. صدرها الخالي تماما من الأنوثة.. ويهتز شعرها الأشعث بينما تتنخم بقوة بقايا من دموع ومخاط دام وتبتلعها
لم تزعجه الحركة المقززة.. فقد اعتاد أن يراها جميلة في كل أحوالها.. وسبق أن رآها ميتة الشتاء الماضي ولم يغير ذلك شيئا في شعوره نحوها.. هي أجمل امرأة في دفتر الأنوثة ولو لم يكن لها حيز من بدن
تمتد يد ثقيلة من فراغ المفاجأة وتنفرج أصابعها القاسية عن صفعة جديدة.. "اشتغل يا ابن القحبة!!".. فيعود مرة إلى تجميع المفرمة الحديدية الصغيرة.. ودون أن يرفع عينيه عن خليط التروس بين يديه مسح في كتفه خيطا قشريا متقطعا كان قد جف عن الصفعة السابقة

Wednesday, January 13, 2010

ألف باء العشق


1- املأ صدرك بهواء الصبح المنعش.. اشرب فنجانا من قهوتها ثم ابحث عنها في آخر مكان يمكن أن توجد فيه الآن وابتسم عندما لا تجدها
2- ضع يدك على قلبك واذكرها فيه وانتظر النبض العشوائي..واعرف أن قلب العاشق لا يعزف نغمات رتيبة
3- ازرع شجرة..فإذا صارت شجرة فتسلقها وتصور وأنت على أعلى فروعها أنك تجلس فوق قمة العالم
4- احتضن أقرب مساحة خالية.. وتذوق إدرينالين الوحدة.. حتى الفراغ منها له جاذبية مثيرة
5- مارس يوميا تمارين الأرق.. واعرف أنها -حبيبتك- على وفاق مع حبوب النوم فاختر لنفسك حليفا غيرها
6- أكتب رسالة لها ثم مزقها واكتب غيرها ومزقها فغيرها وغيرها وغيرها.. وعندما تيأس كلماتك دون على الأوراق إنهاكك وخط رسوما لا معنى لها
7- كن شاكرا إذا دهستك شاحنة في طريقك إلى العمل.. أنت أسعد حظا من كثيرين هلكوا انتظارا
8- هوايتك الجديدة الحديث عنها.. وكانت هوايتك الوحيدة انتظارها..أحسنت.. أنت تتقدم في مسيرتك التعليمية

عسراء

اندفع ناحيتها بكل ما أوتي من عماء الخوف عليها.. واحتضنها من وسطها بعنف وزحف المشهد كاملا بتصوير بطئ يحفظ في المشهد كل ما فيه من تفاصيل دقيقة..وتتابعت الصور في بطء حتى خرجا عن البصر وأفسح الرؤية لشاحنة صغيرة خرقت بسرعة فائقة الفراغ الذي تركاه.. وبينما تضاءلت العربة المتهورة في مرمى الرؤية حطت الصورة الزاحفة رأسيا على الطوار المقابل.. وجاء الهبوط مثاليا.. لقد سقط على ظهره وسقطت فوقه تماما.. بما يكفي من القرب لتشم رائحته النافذة وبما يكفي كي ينظر في عينيها باحثا عن موجة العرفان المتوقعة في موقف كهذا تعرفه السينما ولا تعرفه الحقيقة أبدا.. وضعت يديها على كتفيه لترفع صدرها عن صدره الذي لم تهدأ حركته.. وارتكنت على يدها اليمنى وطوحت بيسراها لتهوي على وجهه بصفعة كادت تكون قوية.. "حسنا! تبين أنها عسراء".. "هل أنت غبي أم ماذا؟؟ لقد تجعدت ملابسي!! تنورتي البيضاء يا متخلف!!".. ثم عادت إلى عرض الطريق ترفع حقيبتها التي سقطت دون أن تنفتح أوتتناثر محتوياتها.. بين قام هو بدوافع ادرينالينية محضة ينظر إلى الطريق متوقعا خطرا جديدا.. عادت هي إلى الطوار مرة أخرى ولم يهدأ انفعالها.. "شكرا لإنقاذي- وواصلت طريقها دونما التفات إليه- غبي!! متخلف!!".. جلس على الطوار يعتذر لأضلاعه المحطمة وهو يتحسس موضع الصفعة غير المفهومة.. حسنا!!..تبين أنها عسراء
.

Thursday, December 24, 2009

موانع صحية من الضحك

اعذروني.. كان بودي في يوم كهذا أن أضحك.. لكن الضحك يتردد في عظام الأكتاف والظهر التي تختزن واحدة من أغبى صنوف الانفلونزا ويضاعف الألم.. لذلك أستطلع مفارقات اليوم بشيء من ضبط النفس
المفارقة واحدة من مسببات الضحك كما صنفها برجسون.. ورغم أن برجسون وضع التطابق وسيلة من وسائل استنفار الضحك.. كأن ترى على المسرح شخصا يسير ومن ورائه شخص يقلده في تطابق.. هذا التطابق يفترض أن يثير الضحك.. أما المفارقة فهي الاختلاف الفج بين الواقع والمتوقع.. فإذا تحدث شخص عن وحش يربض وراء الباب يخيفه بعيونه اللامعة وجلده المقزز وكان هذا الوحش مجرد سحلية مسكينة.. مفارقة أيضا أن يدعي شخص أنه يستطيع أن يحمل جبلا ثم تراه في المشهد التالي ينيخ تحت حصوة

واكتشف برجسون نقطة غاية في الأهمية والدقة وهي أنه من أجل أن يتساوى الإنسان بالفن ينبغي أن تكون هناك جمالية للضحك.. وهو أمر صعب التحقيق لأن الجمال في معظم الفنون يأتي نقيا أي خاليا من أي اعتبارات أخلاقية – الآن أعرف لماذا تضحكني الأمور اللاأخلاقية.. إن جمالية الضحك غير نقية لأنها تنطوي على مواعظ أخلاقية وإن ما يضع الهزل في مصاف الفن مثلما يشرح برجسون.. إنه ينشأ في اللحظة الدقيقة التي يشرع فيها الشخص- المتحرر من هم الاحتماء والمحافظة على نفسه- في معاملة ذاته وكأنه تحفة من التحف الفنية

وكان من المفترض أن تضحكني لا أخلاقية المفارقة أو مفارقة اللأخلاقية.. لكنني أشكو من ألم في عظامي وأخشى إن ضحكت أن يقعدني الألم عن متابعة بقية المفارقات

Friday, December 18, 2009

ما علينا

"ما علينا!!".. قالها عم عبود للمرة العاشرة أو يزيد خلال حواره الطويل معي قبل أن يستأنف الكركرة في أرجيلته التي صنعها بشكل بدائي من عبوة بلاستيكية لمنظف شهير وبقايا من خراطيم الري الرفيعة.. ولم يشتر لها سوى الحجر.."ده بقا ماليش فيه.. بس يتعمل والله انما فين الراس يا باشمهندس؟؟.. الراجل مننا لو ما كانش يعرف يتصرف هايبقى عدم المؤاخذة ركوبة.. ربنا يكفينا شر الرجالة الركايب.. ما علينا!!" .. يعتدل عبود ليلملم عباءته الجوخ التي كانت محور وصلة من وصلاته الوصفية والفلسفية –نسبيا- خلال الليلة الشتوية الباردة التي بدا أنها أكثر من مجرد ليلة لا هدف لها.. وأنها.. "ما علينا".. يدس عبود العباءة ليغطي بها أصابع قدميه ويستهل وصلة جديدة بسعلة عميقة تخللت شعبا هوائية سدها غبار ما يقرب من سبعين سنة عاشها الرجل وأحرقتها عادات التدخين الغريبة.. "انا لو احتكمت سيادتك على مليوم جنيه.. اول حاجة هاشتريها مدفع رشاش مكنة.. ومش هاقوللك بقا هاطخ رئيس الجمهورية.. لا!! اول حد هاطخه المرة والعيال.. انا عندي ست عيال.. هابندقهم كلك هم والمرة.. يا باشا اللي يغتنى بيبقى عايز يخلص من الفقر.. واللي فات كله فقر.. ما علينا!!".. لا أتعجب كثيرا من سير الحديث.. فلو كنت أتوقع منه شيئا لشاركت فيه.. لكنني قصرت دوري على تأمل عم عبود وطريقته المستفزة في إدارة حواره من طرفه وحده.. وكيف أنه يصل بنهاية كل عبارة إلى نهاية تجعل كل ما قيل قبلها عبثا.. وتجعل كل الكلام سيان.. وكل المختلفات متساوية في أنها جميعا "ما علينا!!".. "عارف جنابك.. أبويا كان يقول.. دايما والله يا باشمهندس.. كان يقول شورة المرة تخرب الدار سنة لو صحت.. شوف لو صحت تخرب الدار سنة.. شوف بقا جنابك لو خلفت معاها ولا مالت.. تبقى الدنيا خربت يا محمدي.. انما كان الله الوكيل راجل ركوبة هو راخر.. يزرع ويقلع طول الزرعة وبعد ما يضم الغلة يشونها في البيت وما يستجريش يبيع من الغلة قدح.. أمال ايه؟؟؟ كانت المرة تطينه.. ما علينا!!".. أسرح بنظري بعيدا وبسمعي أبعد وأترك لعبود ساحة الكلام والاستماع معا.. أنظر إلى القمر المكتمل بوجهه المثير للاكتئاب وهو يزحف مزاحما سحبا كثيفة ويحاول الإطلال علينا.. وأسمع في داخلي صوتا يضحك ضحكة مريرة.. ماذا يا عبود الكلب لو كتبت مذكراتي على مذهبك العبثي المبتكر.. ستكون أضخم سيرة ذاتية تحت نفس العنوان لا فوقه

Thursday, December 17, 2009

مقاطعة في دائرة انعدام الحواس


أخشى أن أجهر بأي منها.. فلتبق كلها إذا سرا.. طبيعتي الكتمان وغاية الكتمان الإفشاء لكنني لم أر في حياتي إنسانا يتمتع بحاسة السمع

أخشى أن يراني أحد.. لذلك اخترت أن أكون أعمى.. وأصبحت أملك خيارات أقل مما تملك النعامة التي دفنت رأسها في الرمال.. لكنني مع ذلك لم أر في حياتي إنسان يتمتع بحاسة الإبصار

تعلموا مني كيف يكون الصمت.. وعندي أسباب.. لا أملك شيئا أقوله.. لا تسمعونني أصلا.. لا أراكم ولا ترونني.. كلنا أطياف في غاية الإبهام

مقاطعة

أكره أن يقاطعني أحد وأكره أن أقاطع أحدا.. لكنني هنا أمارس حرية مقاطعة نفسي

هذا انزلاق في بئر سحيقة من آبار نفس أكرهها في نفسي.. أرجو أن أكون قاطعتها في الوقت المناسب.. وسأستأنف الكتابة لاحقا عندما أجد ما أقوله أنا

Monday, December 14, 2009

انفرادية بلا وحدة

هذا أول مكتوب أكتبه وأحسب أن لن يراه أحد .. ورغم أنني ما زلت أخط السطر الأول وجدتني أعود لتعديل كلمة في بداية السطر.. ما جدوى التجميل في كتابة تعرف في ذاتها وحروفها وفصلاتها ونقاطها النهائية أنها لن تقرأ؟؟ أشعر أنني على حافة هزل جديد في سلسلة حلقاتها لا نهائية خالدة من الهزل والعبث واللامعنى.. وأعيد نفسي عندما أقول أنني لولا صعوبة الموت لما استبدلته بالكتابة
بلاش قرف: اكتب البلاش قرف بنية التعبير المبهم أمام وجه أخافه كما لم أخف وجها في حياتي.. أخبره أني آسف حينا وأني حزين حينا وأني غاضب حينا.. ولم أخبره مرة واحدة أنني أخشاه.. دائما ما أتوارى خلف سطحية الإحساس فأنكر حقيقته
الحقيقة أنني أملك كل المشاعر ولا يملكني منها إلا الخوف.. درجة لم تدركني إلا قليلا لكنها والحق تملكني
وأخوف ما يخوفني حقا هو أن يكون هذا الخوف في محله رغم كل حلقات النفي.. "اطمئن لا شيء يخيف".. لا شيء يخيفني أكثر من ذلك الاطمئنان البلاستيكي الذي لا أرى بعيني رأسي ولا بعيني قلبي ما يعضده.. لكن لا بأس.. يقولون إن البلاستيك عماد من أعمدة الصناعة الحديثة
أي كلام: لم يكن أبدا الأي كلام أي كلام.. بل على العكس تماما.. إذا وصف بأنه أي كلام فتلك إشارة واضحة ومقصودة إلى جديته على الأقل من ناحية كاتبه.. أعتقد أن ما آلمني حقا في تلك الدائرة الهزلية هو أنها تعاملت مع الأي كلام بأقل من حقيقته.. أشعر بإهانة حقيقية إذا لفتتك إلى شيء والتفت ثم أنكرت.. وأشعر بالأسى إذا لم ترد إلينا بضاعتنا فوجدناها في عير غيرنا تحيطها مسوح الشرعية
الدفتر الأزرق: عادي.. هذا أقل ما اكتب ولا يعيبه إلا أن ما بين سطوره مجرد بين سطور .. والمعتاد أني لا أترك بين السطور فراغات.. لكنه واحتي إن كانت هناك من تظن أنه رسائل عشق إليها.. اهدأن.. هن رسالات عشق لامرأة أعرفها وحدي ولا يعرفها غيري ورجم بالغيب أن تروها وانا الذي صنعتها لم أرها بعد
ربما تراجعت في نهاية اليوم وضعفت عن قراري.. لكنني إذا أحبس هذه الكلمات حيث تستحق في سجن هذه المدونة أشعر بمساحة أكبر من الحرية.. وليكتب من يكتب.. لست نقابة للمدونين أبدا.. إنما أنا أنا.. أكتب لأكتب لا ليقرأ آخرون

Sunday, December 13, 2009

بناء على رغبة الجماهير

هل يمكن أن توصف الفراشة بأنها ليست لديها كرامة لأنها ترتد نحو المصباح بسرعة رغم أنها انتفضت بعيدا عنه بفعل لسعة المصباح في أقدامها؟؟ لا أظن ذلك.. بل إني ليعجبني عزمها على مصاحبة ولا أعيب عليها إلا أنها انتحرت في احتراق لن يذكر لها هذه الفضيلة..
توضيح.. ده كلام فارغ ومجرد فلسفة بس شكلها حلو في أول الكلام

هذه المرة تختلف.. فقد تركت المستشفى بإلحاح عجيب من الطبيب المشرف على الإعدام.."ادعيله".. ولا أعرف الدعاء المناسب لموقف كهذا.. فليرحمنا الله منا
توضيح.. فلسفة فاضية برضه بس متشائمة شوية.. هادعي حاضر.. بس ربنا لا يخفى عليه شيء

هذه المرة عندي رغبة عارمة في معاقبة نفسي على ما وضعتني أنا فيه.. لكنني تذكرت قول الشاعر.. من يهن يسهل الهوان عليه * ما لجرح بميت إيلام.. فقررت أن أترفع عن إيلام ميت
توضيح.. دي بقا بالذات كلام فارغ رسمي.. واضح ..و إيلام يعني وجع

الجرح يقتل أو يندمل.. كلام قد يبدو بسيطا وربما تافها.. لكن الناتج المنطقي منه أن الجرح الذي لا يقتل بالتأكيد يندمل.. وأن الجرح الذي لا يندمل بالتأكيد يقتل
توضيح.. علقة تفوت ولا حد يموت يا بطل ومافيش ما يشير إلى ان العبارة دي بالذات مش كلام فارغ

ميزة الفصحى أنها أقل صدقا.. (تذكر أن البيانات الرسمية والشعر والتاريخ وكتب الحكمة تكتب بالفصحى ولا يجمعها جميعا غير الكذب).. ولو كنت مكانك لتفاديت صدق العامية
توضيح.. دي بقا مش كلام فارغ.. دي كلام مهم.. بس مهم بالنسبالي وبالنسبة لمجمع اللغة العربية

على إيه يا عم؟؟ عامل محزنة وفالقنا وراك عياط ومنشورات على الحيطان واستاتسات وبلوجات.. ماهي جاتلك على بلاطة.. وانت ولا الهوا.. آخرك خايف تزود عيار الكلام كلمتين.. ليكون الرد (.......).. ولا بلاش.. خلينا في الفصحى أحسن.. انت الذي جرح برأسه كرامة الحذاء.. أنت الذي قطع بعنفوان القبلة شفة الإهانة

Thursday, December 10, 2009

حقائق بيولوجية عنا

توضيح وتذكير لا بد منه: أكتب لأكتب لا ليقرأ الآخرون.. وأضيف أنني أتحدث بأكثر من ذات في باطني.. وللتدقيق.. نحن نكتب لنقرأ أنفسنا بأنفسنا.. لا ليقرأ الآخرون.. لذا لزم التنويه

أمد يدي في عمق الانتكاسة وأخرجها فإذا هي بيضاء من غير سوء وفيها وردة.. وكنت أعرف قبلها أن القاع مزهر كما أن السطح مزهر.. يا حبيبتي.. ليس هناك قرار لحديقتنا

تحديتك أن تفصلي بين ما أقول على لساني وبين ما أقول على لسانك..وحتى الآن لم يصلني منك رد على التحدي.. فاستنتجت أننا اختلطنا حتى صار حديثي إليك لوثة عقلية.. أو انفصام في الشخصية

قررت أن أبقيك سرا لفترة أخرى.. حتى يظن الناس أنني كاتب عبقري.. وكيلا يلتفت أحد إلى عبقرية الإلهام.. وأصبحت فرعا أسطوريا لا جذر له.. أو هكذا يراني من لا يعرفون شيئا عن طبائع الأشجار

حبيبتي.. لن أكذب عليك هذه المرة.. ولن أقول إنني أبني لك مكانا تحت الشمس.. فالحقيقة أنني مشغول بصنع شمس جديدة لنا.. وسيبني الآخرون أماكنهم تحتها.. تحتنا

ذات يوم قادم سنضحك كثيرا جدا على ذات يوم مضى.. ولا أظن يوما سيأتي نبكيه في يوم لاحق.. أصدقك القول يا حبيبتي إنني لا أظننا سننظر يوما وراءنا.. فنحن لحسن الحظ حرمنا للأبد من مهارة الانتكاس

استمتعت كثيرا بنقاشنا الأخير.. لم اسمع شيئا من كلامك لكنني استغرقت أكثر في مراقبة شفتيك الذائبتين في حرارة النقاش.. ما أروع أن يفنى المستمع في حديث تمر كلماته من عينيه.. مرحبا بكم في عصر الإعلام المرئي

Wednesday, December 09, 2009

بلا عنوان محدد


آه لو عرفت طعم افتقادك يا حبيبي.. كنت تركت الدنيا وراءك وعدت إلي.. انا سرك الذي لا يعرفه سواك.. أنا كما سميتني أنا ست النساء.. وهاهي السماء تنشق عن حقيقتي وهأنذا أشرق على الدنيا أبعث الدفء فيها وفي أوصالك التي أوشكت على الموت.. فانهض وانفض عنك برد الشتاء وأحبني بجنونك الصيفي المعتاد

أنظر إلى مرآتي الدائرية نظرة متفحصة.. أرى ابتسامة عريضة ليس وراءها وجه.. إلى هذا الحد اختفت معالمي وأصبحت أقل من انفعال واحد يرى بالعين؟؟.. ما كنت أحسب أن يختفي وجهي بهذه السرعة لكنه حدث.. والحمد لله أن بقيت ابتسامة ولو بلا وجه

انتبهت إلى أنه حاول أن يحكي لي عن بعض كوابيسه.. لكنني جفلت.. وربما اكتشفت في وقت لاحق أنني جفلت لأنه لم يكن حقا يريد أن يحكي لي عن بعض كوابيسه وانني لم اجفل بقدر ما تهذبت عن سماع الحقيقة

لا حاجة لي بأن أعيد القراءة.. لقد فهمت من المرة الأولى.. لكنني احتياطا لن أعيد القراءة لأعفي نفسي من الفهم من المرة الثانية.. وفي المرة القادمة إذا قرأت شيئا وفهمته فسأعفي نفسي أيضا من قراءته للمرة الأولى لكنني حتما ستكون لي ملاحظة على الإبهام

لماذا أخاف من نفسي لهذه الدرجة.. لماذا لا ألتفت إليها مباشرة وأتحدث إليها مباشرة وأفاتحها مباشرة في مواجهة مباشرة وحديث طويل حول جدوى المباشرة؟؟.. لقد يبست أصابعي على سيف لا يخرج من غمده.. وأصبحت كالتماثيل البرونزية في ميادين النصر.. أرمز إلى المعركة ولا أتحرك نحوها أبدا

الاتصال قضية الروح التي تسري في جسدين.. ما جدوى اتصال الروح مع عداء الجسد وما جدوى اتصال الجسد مع عداء الروح.. وما الحكمة العميقة في هذا العبث في توقيت تزامن الاتصالين

الإذاعة شرعية ما دامت قد بدأت بآيات الذكر وانتهت بآيات الذكر.. ولو كان كل الإرسال ضد الرسالة.. حبيبي أنت كارثة تمشي على قدمين وأنت الحجر المكسور في قاعدة البناء وأنت أسوأ لعنة أصابت الوجود منذ بدأ.. يا حبيبي

لم أجد حتى اليوم مبررا لكل ما تحمل في داخلك من حزن.. لقد عثرت عليك أول مرة وحيدا حزينا.. وأراك اليوم وحيدا وحزينا.. كأنك أنت الحزين في أصلك.. لكن منذا الذي عرف أصلك؟؟.. ولعله سعيد أصلك لكنك لم تدركه بعد.. أو لعله لم يدركك بعد

Sunday, December 06, 2009

كنز وسؤال

أجلس أمام الصندوق الحديدي المصمت.. أكرر للمرة المئتي ألف الإسم السرياني الغريب.. ثلاثة مقاطع متشابهة.. كل مقطع ينطق مرتين متتاليتين بتحريك مختلف.. هذا قسم المارد الحارس للصندوق.. ولن تجدي كل المعاول والفؤوس إن اجتمعت لفتحه ما يسترض المارد العنيد

دقائق قليلة وينفتح الحرز الذي لا بد وأنه يحوي من كنوز الأرض ما لا يتصوره بشر.. تنتهي القراءة المضنية.. ويصبح من حقي ان استرخي قليلا.. يمكنني أن اتخلى عن وضوئي وقد تحركت أمعائي بفعل الأرض الباردة التي اضطررت للجلوس فوقها عاريا لعشر ساعات

أقرأ الصيغة النهائية للقسم العفاريتي المكون من خمسة أزواج من الأسماء القهرية.. أسماء الذات التي لا تمنح إلا لخاصة الخاصة من الضالعين المخضرمين في تسخير الجن ورد المردة واسترضائهم.. فلتفتح بصدق أسماء الذات القهرية التي ألقيتها عليك حصن هذا الحرز المخبأ.. ولتمنحني جانبا من كنوزك المحروسة فيه

التقط أنفاسي وأكتم أكثرها في انتظار اللحظة الحاسمة.. تئن مفاصل الصندوق العتيق.. ويرتفع غطاؤه بسلاسة لا تليق بصدأ السنوات المتراكم.. وقبل أن يرتفع الغطاء إلى حد يسمح لي بالاطلاع على الخبيئة المثيرة.. صدر من قلب الصندوق صوت أقرب إلى الطنين.. حمل سؤالا هو الأغرب.. وهو الشرط لفتح الكنز

"اسألني ما شئت أجيبك.. ما الذي لا تعرفه فأعلمك إياه؟.".. يالهول السؤال!!.. لا شيء.. لا اسعى إلى إجابة.. ومن ذا الذي يسعى إلى السؤال؟؟ ما حاجة مثلك بسؤال من مثلي؟؟.. "حاجة العارف للتعريف.. من يدريك كيف يحس المارد في بطن الكنز المدفون.. أتراه يعاني الوحدة أيضا؟؟.. ألق سؤالك او فلترحل!!".. ورحلت.. ما كان في بالي سؤال يذكر.. نسيت حتى أن أسأله عن الجولة التالية